مجله لسان المبین- سال اول- شماره2 – سال 1388
دکتر قاسم مختاری[1]
سعیده بیرجندی[2]
الملخّص
المسرحيّة ، قصّةٌ يمثّلها الممثلون بين يدي المشاهدين المجتمعين في المسرح. فهناك يوجد نوعٌ من المسرحيّات يسمّي « المسرحيّة القرائيّه »، و الفارق بينها و بين سائر المسرحيّات ، أنّها لاتُمثّل ، بل تُكتَب للقراءة في المحافلِ. إذ إنّها إن تُمثّل ،تُضاعُ نصُّها الأدبي الموجود فيها و بلاغتها و فصاحتها. و من جانبٍآخر، إلقاءُ الكلام الفلسفيّة و البليغة، يكون من أهمّ أهدافها ،و هذا لايتحقّقُ إلّا بقراءتها.
و هناك بين الفنون الأدبيّة المختلفة، نجد فنّاً أدبّياً تشبه المسرحيّةَ ، يسمّي « المقامة » ،و هي فنٌّ أدبيٌّ أساسها الحوار الدرامي ، و ابدعه بديع الزمان الهمذاني في القرن الرابع للهجرة ،تحتوي علي جميع عناصر الدرام ، من مثل : الحوار، و الحبكة، و الشخصيّة، و غيرها من العناصرِ. و هذه العناصر في المقامة، تكون وصفيّاً و كذلك الأمرُ في المسرحيّات القرائيّة. و ما يبرزُ في المقامة ،نصّها الأدبي و مفرداتها الوعرة. و من أهمّأهدافهاتعليمُ اللغة و مفرداتها إلي الناشئين ، و تعليم إلقاء الكلام الفلسفية و الوعظ و الإرشاد إلي الخير و الصلاح ، كما هو في المسرحيّات القرائيّة هكذا.
المقدمة
عنوان هذه المقالة « المقامة خطوة إلي المسرحيّة القرائيّة » و المقامةُ فنّ ادبيُّ ظهر منذُ القرن الرابع للهجرة ،و هي روايةٌ منمّقةٌ بأنواعِ السجعِ يُظهر في قالبٍ قصصيٍّ، و أساسها حوارٌ دراميٌّ ،و أبدعها بديع الزمان الهمذاني ( 358 – 398 ) من أصلٍ فارسيٍّ. و إنّنا خلال مطالعاتنا ، وقفنا في المقامة، علي عناصر الدرام، و هناك نوعٌ من الدرام، يسمّي« المسرحيّة القرائيّة » تشبه المقامة كثيراً، فصمّمنا أن نقومَ بـهذه الدراسة، و إنتخبنا لها عنوان «المقامة خطوة إلي المسرحيّة القرائيّة ».
و المسرحيّة، نوعٌ من الأدب يؤديها الممثلون أمام حشدٍ من المشاهدين علي خشبة المسرح. و «المسرحيّة القرائيّة »، كما بكرنا ،نوعٌ من الدرامِ، و الوجه في تسميته،أنّها لن تُكتب للتمثيلِ ، بل تُكتب كي يقرؤونها في المجامعِ. و إنّنا عثرنا علي وجوهِ التشابه الكثيرة بينَ المقامة و المسرحيّة القرائيّة، من خلالِ تحقيقاتنا.
فقمنا في المقالة هذه إلي التعريف بالمقامة و المسرحيّة القرائيّة و عناصرهما و خصائصهما. ثم نتطرّق إلي وجوه التشابه بينهما.
و أهميّة هذه الدراسة ، تكمنُ في جدّتها وفي أنّها تَفتح الطريقَ للدراسات الآتية في هذا المضمار. و كذلك نستهدفُ من هذا التحقيقِ إلي أن نقارنَ بينَ الفنينِ؛ المقامةّ ، و المسرحيّة القرائِيّة، و نبيّنُ وجوهَ التشابه و الخلاف بينهما.
المسرحيّةُ، إصطلاحاً؛ روايةٌ شعريّةٌ أو نثريّة، أو شعريّة و نثريّةٌ معاً، تُمثّلُ علي المسرحِ بوساطة الممثلين. ( المعلوف ،1379 ،330 ؛ سيد صدر ،1383، 183 ) و هي « قصّةٌ تمثيليّةٌ أساسها الحوار، و ليس السرد ،و لا الوصف ، يُقصدُ بها أن تعرضَ علي خشبة المسرحِ ، و يؤدّيها أشخاصٌ ممثِّلون. » ( التونجي، 1993، ج2 ، 789 ) و للمسرحيّةِ عناصرُ عدّة تتألّفُ منها، و هي:
1. القصّةtale) ): إنّ العنصر الأوّل فی المسرحیه، هو القصّه، و علیها ترتکز العناصر الأخری للعمل الفني، سواءاً کانت الشخصیات او الحبکه او البناء العام .الحدث فی الدراما یصوّر أساساً تصارعُ إرادات الإنسانیه أو الهیّه، و یتبع هذا، أنّ الحدثَ الدرامي لا یعني بالضروره، الحرکه البدنیّه، سواءاً کانت هادئه او شديدة. و أنّ الحدثَ الدرامي، قد لا تصحبه أیّةُ بوادر للحرکه البدنیه.(البطرس، 2005، 192؛ البكري،2003، 27؛ القط، 1978، 11).
2. الشخصيّة : character)): العنصر الثاني فی العمل المسرحي ، هو الشخصیه ، إذ من خلالها نتبیّن الخطوط المعروضة للمشکله. و لا تتوضّحُ صوره الحدث إلا بعد إحتکاک الشخصیات و تفاعلهم فی ما بینهم. فینشأ الصراع غالباً ما یکون مریراً و خطراً ، فلا مسرحیهَ بلا شخصیات. و المرءُ یجب أن یری نفسه علی المسرح من خلال الممثلین، و لذلک لایملّ الموضوعات ذات الصله بأحاسیسه و مشاعره.(البطرس، 2005، 194 – 192؛ القط، 1978، 20؛ شهبا، 1375، 54 – 53؛ مقدادي،1378 ، 333)
3. الممثّلُ : (artist)الممثّل رکنٌ هامٌّ فی الدرام ، لأنّه قد وُجِد الدرام و إن فُقِدَ الکاتب و المخرِج و غیرهما ، و لکن لا درامَ بلا الممثّّل. و هو العنصر الأوّل الّذي حدّد نطاق العمل المسرحي ، لأنّ من یقومُ بأداء القصّه علی المسرح ممثلون من البشر لهم طاقتهم ، و مادمنا قد حدّدنا الفن المسرحي بالممثل و المسرح و الجمهور، فقد حدّدنا نطاقَ العمل کاتب المسرحي، فلهذا السببُ، یحتمُ فی المسرحیه أن أفعالَ الممثلین تكون في حدود طاقه البشریه ، فلا یلجأُ الکاتبُ إلی الأفعال الخارقه ، أو أن تبالغَ في تصویر قوی الطبیعیّه ، أو أن تعالجَ موضوعاً وصفیاً تلعبُ فیه الجماداتُ و النباتات دوراً أهمّ من دور الإنسان(عشماوي،لاتا،52 ؛ شهبا،1375، 22)
4. الجوقة :(choruse)الجوقه او الکورس، جماعهٌ من الفنّانین یُؤدّون عملاً جانبیاً علی المسرح کالعزفِ و الإنشاء و الحوار. و کانت فی الیونان تعنی مجموعةً من المغنیین و الراقصین یشترکون فی الإحتفالات الدینیّه، و في تمثیل الدّراما.(التونجي،1993، ج1، 338 ؛ داد،1385، 538 ) و کانت مهمَتُها تفسیرَ بعض الأحداث أو التعلیق علی بعض الشخصیّات بصوتٍ عالٍ یسمعه الجمهور .ثمّ دخلت الکنیسهَ، فدلّت علی جماعه المرتّلین. و استخدمت فی الأناشید الدینیه مع المنشدِ، و إستمرّت الجوقهُ تؤدّي أدوارَها علی المسرح فی القرنی 16و17 المیلادیین. (التونجي،1993،ج1، 338)
5. الجمهور : : (SPECTATOR)هو أیضاً من العناصر التی حدّدت نطاقَ العمل المسرحي ، و إنّنا لا نستطیع أن نتصوّرَ مسرحیّهً بلا جمهورٍ ، فإنّه یحدّد کاتبَ المسرحي بزمنٍ معلومٍ ، فلا یجوز أن یطولَ الزمن الذي تستغرقه المسرحیّه، حتی لا ترهق أذهان النتفرّجین و أبدانهم ، و من أجل هذا جری العرف علی أن یکونَ الزمن الذی تستغرقه المسرحیّه من ساعتین أو ثلاث ساعات، و من ثَمّ یجب علی کاتبِ المسرحي أن یشکّلَ الأحداثَ التي تجری في هذا الوقت المحدّد بطریقهٍ تکسبها القوّه و الإثاره و الترکیز(عشماوي، لاتا،24)
6. خشبة المسرحِ : :(scene)الصحنه أو خشبه المسرح ، مکانٌ لأداءِ المسرحیه، و یجب أن یکونَ مناسباً للمسرحیه المعروضه . و لها أنواعٌ مختلفهٌ 2، و هو من العناصر التی حدّدت نطاق العمل المسرحي.أی ذلک البناءُ المسقوف الّذي تنحصر فیه مناظر الروایه و أثاثها و أضوائها. وجود هذا البناءِ بإمکاناته هذه و طاقاته، عاملٌ کبیرٌ من العوامل التي تُلزِم کاتبَ المسرحیّه أن یحصرَ مناظر روایاته و أفعالها داخل حدود هذا البناء المسقوف. فمن الصعب جدّاً ، ظهورُ الغابات أو الحقول أو الجماهیر المحتشده، کما إنّه من المستحیل علی کاتب المسرحي ، أن ینتقل بحوادثه و أشخاصه کیفما أراد.(التونجي، 1993،ج1، 106؛ شهبا، 1375، 66 ؛ عشماوي، لاتا، 23)
7. القناع : (mask)في الدراما الإغریقیه، کان الممثلون عند تمثیلهم یلبسون الأقنعه. و کانت الأقنعه جزءاً ثابتاً من الدراما الإغریقیه و الرومانیه. و أیضاً هذه الآله تُستخدم لإجراء مراسیم القبیله، و لکن الآن قلّما تُستعمل الأقنعه ،و إن کانت هناک إستثناءات غریبهٌ. (البكري، 2003، 18 و 19).
8. الحوار : (dialogue)الحوار، أی المحادثه، و هو الرکن الرکین للدّرامِ، و العنصر الأساسي له، إذ إنّ المسرحیّهَ فنٌّ یقوم علی الحوارِ .و هو مصطلحٌ یدلُّ عموماً علی تناوب الکلام بین الشخصین أو أکثر. و الحوار یعرِّف بالشخصیات و یبیّن أفکارَهم و عقائدهم. بالحوار تتواصل الشخصیّات فی المسرحیه و ینمو الحدث. .(مير صادقي، عناصر داستان، 1385، 465- 464؛ خفاجي، الادب العربي الحديث، لاتا، ج4، 101)
9. الراوي : (narrator) :هو القاص، الذی یقصّ القصّهَ أو الروایه.(داد، 1385، 229) و قد یوجد الراوی فی العمل المسرحی، أی یمکن أن یحکی المسرحیّهَ راویّهٌ، و یمکن أن تکون المسرحیّه بلا راویهٍ یرویها، و هو فی المسرحیّه قد یقوم بشرح حوادثه. و یمکن أن یکون الراویه أحدٌ من شخصیّات المسرحیّه.(مير صادقي، داستان و ادبيات، 1375، 156)
10 . العقده :(complication) هی جعل الموانع المتعدده فی مسیر القصّه و شخصیّاتها لمنعهم من وصول إلی غایاتهم.(شماسي، 1368، 108؛ مير صادقي، عناصر داستان، 1385، 230) و هی کما یقول الارسطو:«تنتهی بتحوِل البطل». (ارسطو، 1377، 74)
11. الحلّ denouement)): هی الحوادثُ التی تتبع العقده، و یکشف عن الازمات الموجوده فی الروایه. و هی المرحله النهائیه فی الروایه.(مير صادقي، واژه نامه هنر داستان نويسي،1377، 230؛شماسي،1368، 108) و فی هذه المرحله یُتبیّنُ مسیرُ البطل و فرجامه، و قد یصاحبها النجاحُ الحتمی للبطل أو الفشل له. مثلاً فی الروایه «داش آکل»، یتحقق الحلُ مع قتل «داش آکل» بید «کاکا رستم».
12. الوحدات الثلاثة :(threeunities) الوحدات الثلاثه، هی وحدهُ الزمن، و المکان، و الموضوع، قد عالجها لاول مرةٍ الارسطو، فی کتابه «فن الشعر». و العرفُ فی اغلب المسرحیات الاغریقیه و المسرحیات الکلاسیکیه، أن تدورَ الاحداثُ فی اطارٍ زمنیّ لایتجاوزُ الیومَ الکامل، و أن لا تنتقلَ من مکانٍ إلی مکان الآخر، و أن یکون هناک موضوعٌ واحدٌ یربط بین المشاهد المسرحیّه و مواقفها المختلفه.و هذه الوحداتُ الثلاثه، کانت اصولاً فی العمل المسرحی، فعلی اساس هذه الوحدات یجب أن یحدثَ العمل المسرحی فی زمنٍ معیّنٍ. و لا یتجاوز عن صحنه واحدهٍ. (ارسطو، 1377، 43؛ البطرس، 2005، 196 ؛ القط، 1977، 44 و 45 )
و هناك نوعٌ من المسرحيّات، يسميّ « المسرحيّة القرائيّة » ، و هي المسرحيّة التي تُكتب للقراءة و لا للتمثيل. ( التونجي، 1993 ، ج1 ، 791 ؛ البكري ، 2003 ، 60 ) و هناك الأسباب المختلفة تمنعها التمثيلَ ، و هي :
أ . الصعوبة في تمثيلها: يمكن أن تكون الصعوبة في تمثيلِ هذا النوعِ من المسرحيّة، أو الصعوبة في صنع الديكور و الإمكانيات، و المشهد من بواعثَ تمنعها التمثيلَ. كما هي في المسرحيّة « ققنوس» لمحمود دولت آبادي.
بـ . كون الحوادث و المسائل المطروحة فيها بلا أهميّة من الناحيّة الإجتماعيّة و الفلسفيّة و الأخلاقيّة. ( م . ن ) كما هي في المسرحيّة « خسيس» لمولير.
ج . تعليم البلاغة و فنونها و إلقاء الكلام الفلسفية: من الخصائص البارزة في المسرحيّة القرائيّة ، « إلقاء الكلام الفلسفيّة » ،لأنّ هذا النوعِ من الدّرامِ ، في معظمها ، تُكتب لتعليمِ البلاغة و فنونها . (چيني فروشان ،1387 )
فلهذا يمكن أن تعدّ محادثات أفلاطون الفلسفيّة حولَ موتِ السقراط ،من المسرحيّات القرائيّة. ( داد،1385، 502 )
و اما بین هذا النوع من المسرحیّه و المسرحیّات الاخری فارقٌ كبيرٌ، فنحن نتطرق الیها:
تحضرُ الشخصیّات فی المسرحیّه القرائیّه فی ذهن القارئ، لأنّ لا ممثّل لهذا النوع من الدرام، بینما تظهرُ و تمثّلُ الشخصیّات فی المسرحیّات الأُخري، امام المشاهدین.
ما يهم أكثر الأهميّة و تُعدُّ هدفاً رئیسیاً فی المسرحیّات القرائیّه هو التعلیم الادبی و البلاغی، بینما فی المسرحیّات التی تمثّل المهم کان مغزاها و ما یحتویه، و لهذا السبب، الحوار فیها، فی الاغلب، یکون ساذجاً و مفهوماً.
جمیع عناصر الدرام، من مثل؛ الحوار، و الشخصیّه، و الزمان، و المکان، و المشهد، و الطرح، کان موجوداً فی المسرحیّه القرائیّه، بینما هو فی سائر المسرحيّات، کان تمثیلیّاً ، و فی المسرحيّة القرائيّة، یکون الرواییه و الوصفیّه.
یمکن أن تُقرأ المسرحیّه القرائیّه إمّا واحداً، و إمّا أمام جمعٍ من المستمعین، بینما المسرحیّات الاخری، تُمثّل بوساطه عدّهٍ من الممثّلین أمام حشدٍ من المشاهدین.(چيني فروشان، 1387)
فعلي هذا الأساس، يمكن لنا أن نستنتج أنّ ما يمتاز المسرحيّة القرائيّة من سائر أخواتها، هو التعليم الأدبي و البلاغي، و نصّه الفصيح و البليغ.لأنّ المهم في المسرحيّات الأُخري كان مغزاها و ما يحتويها ، و الحوار فيها، و لهذا في الأغلب، تكون ساذجاً و مفهوماً. ( م . ن )
و المسرحيّة القرائيّة تحتوي علي جميعِ عناصر الدرامِ ، بينما تلك العناصر ، في الأغلب، في المسرحيّة القراءيّة تكون روائيّاً و وصفياً. ( ملك پور ، 1363 ، 235 )
في هذا النوعِ من الدرام، الراوي يقصّ الرحكاية بمساعدة صوته ، و بعض حركاته و فصاحته . و إنّ الذي أثّر في إنتقال الصحيحِ الرواية ،هو التحليلُ المنطقي للنصِّ، و البيان الدقيق المتكي علي فهم النصِّ، و صوت الراوي و بلاغته. ( چيني فروشان، 1387 ) و البلاغةُ و الفصاحة و الخطابةُ ، هي من أهمّ البواعث التي تُسبّب إنشاء هذا النوع من الدرامِ ،و هي التي تمنعها التمثيلَ. لأنّ تعليمَ الخطابة مع الرعاية البلاغة و الفصاحة، مسئلةٌ ذو أهميّهٍ خاصّةٍ في هذا النوعِ من المسرحيّهِ. ( م. ن )
و هناك نوعٌ من الأدب يسمي « المقامة » التي تشبه بالمسرحيّة القرائيّة كثيراً، فهي قطعةٌ أدبيّةٌ مسجّعةٌ و مصنوعةٌ تشتملُ علي حكايةٍ أو حادثةٍ متأنّقةٍ في ألفاظها و عباراتها. و هي كما بكرنا آنفاً، مبنيّةٌ علي الحكاية، و فيها الكثير من التعبيرات الغربية ، و اللغات الوعرة، و البلاغةالمعقدة ، فيعتمد الكاتب فيه علي السجع ، و الصناعات اللفظية ، و تنتهي بعبرةٍ أو نكتة، أو عظةٍ. و قد طرأت علي الأدب العربي في القرن الرابع للهجرة بيد « بديع الزمان الهمذاني1 » (358 – 398 هـ ) ثمّ إنتقل إلي الأداب الاُخري. ( داغر،2000 ،108 ؛ نداء ،1991 ،174؛ المقدسي، 1979 ، 360 – 363)
و أمّا المقامة كُتبت لأهدافٍ مختلفةٍ فهي:
1. النقدُ و الثورة للمجتمع و مفاسده: النقدُ ظاهرةٌ عامّةٌ إتّسممت بها المقامةُ في جميعِ عصورها ،و يشتمل كشف العيوب الإنسانيّة و الإجتماعيّة، و التاريخيّة. فهي كانت بمثابة مرآةٍ تعكِسُ مفاسد العصر الذي كتبت فيه. ( نور عوض ،1979 ، 137 ؛ الفاخوري ،الادب القديم ،1385 ، 617 – 618 )
و كما قال غنيمي هلال : « في المقامات وصفٌ للعادات و التقاليد التي تسود الطبقات الوسطي و الدنية في كثيرٍمن المجتمعات الإسلاميّة . و يمكن أن يكون هذا الجنسُ أخصب جنسٍأدبيٍّ في العربيّةِ ، و أن يقوم في نقد العادات و التقاليد و القضايا الإجتماعيّة، مقامَ القصّة و المسرحيّة ، لولا إنّه سرعان ما إنحرفَ عن النقد الإجتماعي في صوره جديده إلي المماحكات اللفظيّة و الألغاز اللغويّة و الأُسلوب المصطنع الزاخر بالحلية اللفظيّةالتي لا تعود علي المعني بطائل يذكر . » ( غنيمي هلال ،1999 ،224 )
2. التعليم الأدبي: وجدت المقامةُ أوّل أمرها لهدفٍ تعليميٍّ، و عندما وضعها الهمذانيُّ كان معلماً في نيسابور ، و يلقي دروس اللغة و البيان علي الطلاب ، و يدرّبُهم علي الاُسلوب الجميل في الكتابة. و علي هذا أفرغَ اللغات و المفردات الوعرة في القالب القصصي ، فلهذا تزداد أهميّة المقامة من ناحية اللغة ،و هو تعليم و تلقين الناشئة صيَغَ التعبيرِ . ثمّ صارت شيئاً فشيئاً مَيَداناً للتدليلِ بالمقدرة و إظهار البراعة. فعلي هذا ، العناية باللفظِ في المقامة قد بلغَت ذروتها. حتي قال بعض المؤلفين : إنَّ المقامة وُضعَت لِغايةٍ وحيدةٍ فقط، و هو تعليم اللغات و المفردات . » ( الدقاق ،2004 ،346 ؛ البطرس ، 2005 ،124 )
3. إظهارُ البراعة الأدبيّة : قد إشتدّ في القرن الرابع الهجري ، الميلُ إلي النثر الفني و المصنوع، و تنميق النثر بأنواع السّجعِ . فهذا الفنُ مهّد الطريقَ للمترسلين، لأنّه تشتمل علي الكثير من درر اللّغة و فرائد الأدبِ، و الأشعار النادرة الّتي تدلّ علي سعة الإطّلاعِ،و غزارة المادّة ، و علوّ شأن كاتبها. فكانت المقامة وسيلةً لإظهار البراعة اللغويّة و الأدبيّة. ( بديع يعقوب ،لاتا،ج2 ،1183 – 1182 ؛ابراهيمي حريري،1363 ، 9 – 8 )
4. الوعظ و الإرشاد و الدعوةإلي ما فيه الخير و الصلاح في المجامع،كما هي في المقامة« الوعظية» للهمذاني. ( الهمذاني ،2006، 151 – 158 )
و أمّا الخصيصة البارزة في المقامة ،هو نثرها المصنوع و المسجّع،كما هو في المسرحيّةالقرائيّة هكذا. و كذلك إلقاءُ الكلام الفصيحةو الفلسفيّة ،و الخطب البليغة ،يكون من الأهداف الرئيسيّة في كلا الفنيّينّ. و كما بكرنا آنفاً، بعضُ النقّاد، يعتبرون تعليم اللغة العربيّة و مفرداتها إلي الناشئين، هدفاً وحيداً لهذا الفنّ. و كذلك في المسرحيّات القرائيّة ما يهم فيها، إلقاءُ الكلام الفصيح. مثلاَ المسرحيّة « هاي سنكاي جوان » الّتي كُتِبت في القرن الأوّل الميلادي، قد قُرأت علي جماعةٍ من الأغنياء لتعليم الخطابة و إلقاء الكلام البليغ. ( چيني فروشان ، 1387 )
و كانت من الممكن قراءة هذه المسرحيّة،إمّا وحيداً، و إمّا في الجمع و مع الجماعة . كما نري هذه الظاهرة في الأواخر القرن التاسع الميلادي في الأروبّا، فاُحدثَت آنذاك مكانٌ لتمثيل و قراءة أنواع المسرحيّات. و كانت عدّةٌ من الفنّانين، يقومون بإدارة ذلك المسرحِ.
و بين ذلك المكان و المسرحيّة القرائيّة ، صلةٌ وثيقةٌ، إذ إنّ مؤسّسيه كانوا شديد العناية بهذه المسرحيّات، و كانوا يقيمون محافل و مجالس لقراءة هذا النوع من الدرام.( م. ن )
و كما تُقراُ المسرحيّات القرائيّة في المجامع، كانت المقامة تُقراُ في المحافل منذ القديم. كما يقول بعض الاُدباء: « هناك رواياتٌ باسم المقامة ،تحتوي علي عناصر الدرام . و يمكن لها أن تُبدّلَ إلي الكومديا تقراءُ في المجالس منذ القديم . » (ملك پور ،1363 ، 263 ) و كذلك يقول « محمد تقي بهار » : « هناك رواياتٌ مسجّعهٌ و مقفي و ذات إيقاعٍ قد قُرأت في المجالس للإستلذاذ منها، تسمي المقامات . »( بهار ،1376 ، ج2 ، 15 ) و كذلك يقول ناقدٌ آخر : «إلقاءُ القصص في المجامع و المحافلِ ،مازالت شائعاًَ في البلاد الإسلاميّة . و المقامات كانت تلقي للوعظ أو للتسلّي في المجالس ،و تحتوي علي الأسجاع الجميلة، و العبارات المقبولة،و الأشعار النادرة ، » ( ملك پور ، 1363 ،263 )
و كما وُجدت في الدروبّا ، في القرن التاسع عشر الميلادي، أماكن تُقراءُ فيها المسرحيّات القرائيّة ،كانت في إيرانَ ،في السنين الأخيرة، تقراء المقامات في المقاهي. و كما بكرنا، إلقاءُ الكلام الفلسفية، يكون من الخصائص البارزة في المسرحيّات القرائيّة. و كذلك الأمرُ في المقامات. فنحن نجد فيها كثيراً من المواعظ و الكلام الفلسفيّة.
و ما كان تعليم اللغةو مفرداتها، و تعليم الخطب البليغة ، و الكلام الفلسفيّة ،خصيصةً مشتركةً وحيدهً بين هذين الفنين ، فهناك الخصائص المشتركة الاخري بينهما. فنحن نلفّت النظر إليهما، و هي :
1. من ناحية العنصر : نحن نجد في المقامة عناصر متعدّدةٍ ،مثل : الحوار ، و الشخصيّة، و الوصف ، و العقدة ،و الحل ،و الطرح و غيرها. انظروا إلي المقامة « الساسانيّة » للهمذاني ( الهمذاني،2006 ، 108 – 112 ) و كذلك نري جميع هذه العناصر في المسرحيّات القرائيّة. اُنظروا إلي المسرحيّة « ققنوس » لمحمود دولت آبادي.
2. إحتواءُهما علي النص الأدبي : المقامة و المسرحيّة القرائيّة ،تُكتبا باُسلوبِ عالِ في الكتابة، و هو اسلوبٌ بليغٌ و مؤنّقٌ . و هذه العناية الشديدة إلي النّص الأدبي الموجودة فيهما، تكون من أهمّ البواعٍث الّتي تمنعها التمثيلَ.
3. طريقة أداء الرواية : الجوّ الدرامي في المقامة و المسرحيّه القرائيّة، يُنتقلُ إلي ذهن المخاطب بوساطة؛ الضوء،و الأصوات ، و التحليلُ الدقيق و البلاغة و الدّقة في الكلام و درك عميق الممثّل للنّصِّ.و الراوي يقصّ الحكاية بوساطة صوته و بعض حركاته و فصاحته.
النتيجة
كما قلنا، المسرحية القرائيّة مُنعت التمثيلَ لأسباب و دواعي مختلفة، منها؛ الدواعي السياسية ، و إضاعة نصها الأدبي عند تمثيلها ، و الصعوبة في تمثيلها . كما كان في المسرحية القرائية هكذا. و هناك محافل و مجامع تُقرأ فيها المقامات و هكذا المسرحيّات القرائيّة تقرأ في المحافا الخاصّة بها. و المسرحيّة القرائيّة تُكتب بأسلوبٍ عالٍ في الكتابة ، و كذلك كان الأمر في المقامات هكذا.
و كانت النقد و الثورة علي المجتمع ، و إلقاء الكلام الفلسفيّة و البليغة من أهداف المقامة. و كذلك المسرحيّة القرائِية تستهدف إلي هذه الأهداف، كما هو في المقامة.
فكما رأيتم في الدراسة هذه ، أنّ وجوه التشابه بين المقامة و المسرحيّة القرائيّة كثيرةٌ إلي حدٍّ يمكن لنا أن نعتبرَ المقامة ، نوعاَ من المسرحيّات القرائيّة ،و المقامة تُعتبرُ خطوةً إلي إنشاء المسرحيّه القرائيّة.
فعلي هذا الأساس ، و بالنظر إلي وجوه التشابه الكثيرة بينَ هذين الفنّين، نستنتجُ ؛ أنّه من الممكن آن نعدّ المقامة نوعاً من المسرحيّات القرائيّة.
ذيقعده 1430
چكيده فارسي
اين مقاله با عنوان « مقامه گامي به سوي نمايشنامه خواندني » و با هدف مقايسه دو فن مقامه نويسي و نمايشنامه خواندني به رشته تحرير درآمده است. ما در اين مقاله به بررسي مقامه و نمايشنامه خواندني و عناصر و خصائص آنها پرداختهايم.
مقامه فني است ادبي كه در قرن 4 هـ توسط بديع الزمان همداني ( 358 – 398 ) پديد آمد. و آن حكايتي است مسجع كه بر اساس گفتوگو نوشته ميشود. و همچنين ميتوان تمامي عناصر درام را در اين فن پيدا كرد. نمايشنامه هم داستاني است كه توسط عدهاي بازيگر بر روي صحنه اجرا ميشود. در ميان انواع نمايشنامهها نوعي از آن با نام نمايشنامه خواندني وجود دارد كه صرفا براي خواندن و نه براي اجرا شدن نوشته ميشود. اين نمايشنامه از لحاظ متن ادبي مورد توجه قرار ميگيرد. و يكي از دلائل عدم اجرايش نيز همين متن ادبي موجود در آن است . چرا كه در صورت اجرا ارزش ادبي خود را از دست ميدهد.
ما در مقاله حاضر بعد از تعريف مقامه و نمايشنامه خواندني و ذكر شباهتهاي بسيار ميان اين دو فن، به اين نتيجه رسيديم كه مقامه را نيز ميتوان نوعي از نمايشنامه خواندني به شمار آورد.
الهامش:
1. بديع الزمان الهمذاني (358 – 398 هـ ) : هو أحمد بن الحسین بن یحیی الهمذاني، ابو الفضل ، الملقّب ببدیع الزّمان ، أحد أئمة الکتّاب. و کان أحد الفضلاء و الفصحاء، و صاحب العجائب و البدائع.
( الحموي، 1988 ، ج2، 161 – 171 ؛ و انظروا أيضاً: الزركلي، 2002، ج1، 116 – 115 ، ابن خلكان، لاتا، ج1، 129 – 127 )
2. هناک أنواعاً مختلفهً للصحنه، منها:
خشبه المسرح المدوّر: فی هذا النوع یجلس الجمهور المشاهدون علی جوانب المنصه الأربعه و تحتوي المسارح من هذا النوع علی عددٍ محدودٍ من القاعه، و تکون المنصه المستعملهُ فی المسرح المدوّر منخفضهًً تسمح للمشاهدین، و یدخل الممثلون إلیها من خلال الصاله، فیجب أن یکون تمثیلهم موجّهاً إلی جمیع الجهات. (البكري،2003، 35)
خشبه المسرح الوجاهیه: هی الأکثر شیوعاً لتشاهدَ من الأمام فقط، و لأنّ المساحه التي یری المشاهدون الأحداثَ من خلالها تشبه إطاراً للدیکور ، و تحرّکات الممثلین، و یحتوی هذا المسرح علی تغییر الدیکور أو للإشاره إلی مرور الوقت.( البكري،2003، 35 – 34 )
المسرح المرن: في هذا النوع یتم تغییر الأمکنه المخصّصه للعرض و للمشاهدین حتی یتناسب کل العرض، و هذا یسمح للمخرّج بحریّه إختیار نوع العلاقه المناسبه بین العرض و المشاهدین تستوعب معظم المسارح المرنه عداً غیراً من المشاهدین. (م.ن)
خشبه المسرح المفتوحه: «في هذا النوع لمعظمها مقاعد حول ثلاثه جوانب من المنصه التي تمتدُّ إلی الصاله و یختلف حجم و شکل المنصه بشکلٍ کبیرٍ من صالهٍ إلی أُخری. و العروض التي تقدّم علی مثل هذه المسارح یجب أن تنفذ بعنایهٍ حتّی تتمَّ رؤیه جمیع عناصر العرض من الجوانب الثلاثه في نفس الوقت». (م.ن ، 35)
فهرس المنابع و المآخذ
ابراهيمي حريري، فارس، مقامه نويسي در ادبيات فارسي و تاثير مقامات عربي در آن،1366، لاتا،طهران، دانشگاه تهران
ابن خلکان، وفیات العیان و انباء ابناء الزمان، لاتا، لاط، بیروت، دارالثقافه
ارسطو، فن الشعر، ترجمه: عبد الحسين زرين كوب، 1377، تهران، بنگاه ترجمه و نشر كتاب.
بدیع یعقوب، ایمل ،عامی، میشال، المعجم المفصّل فی اللغه و الادب، لاتا، لاط، بیروت، دارالعلم للملائین.
البطرس، انطینیوس، الادب، 2005، لاط، لبنان، المؤسّسه الحدیثه للکتّاب.
البکری، ولید، موسوعه اعلام المسرح و المصطلحات المسرحیه، 2003، لاط، الاردن، داراسامه للنشر.
بهار، محمد تقی، سبک شناسی یا تاریخ تطور نثر فارسی، 1376، ط9، طهران، انتشارات بدیهه.
التونجی، محمد، المعجم المفصل فی الادب، 1993، ط1، لبنان، دارالکتب العلمیّه.
چيني فروشان، نمايشنامه خواني گونهاي ناب از ادبيات نمايشي، روزنامه رسالت، 1387
الحموی، یاقوت، معجم الادباء، 1988، لاط، بیروت، دارالاحیاء التراث العربی.
خفاجی، محمد عبد المنعم، قصّه الادب المعاصر فی مصر الحدیث، 1956، چ1، قاهره، المطبعه المنیر
داد، سیما، فرهنگ اصطلاحات ادبی، 1385، ط3، طهران، نشر مروارید.
داغر, یوسف اسعد، مصادر الدراسه الادبیّه، 2000، ط1، لبنان، مکتبه لبنان ناشرون.
الدقاق، عمر، اعلام النثر الفنی فی العصر العباسی، 2004، ط1، سوریه، دار الرفاعه.
الزرکلی، خیر الدین، الاعلام، 2002، ط5، بیروت، دارالعلم للملائین
سید صدر، سید ابو القاسم، دایره المعارف هنر، 1383، ط1، طهران، سیمای دانش
شمّاسی، عبد الحیّ، نمایشنامه نویسی به زبان ساده ، 1368، ط2، طهران، انتشارات آموزش و پرورش.
العشماوی، محمد زکی، المسرح، لاتا، لاط، بیروت، دارالنهضه العربیه
غنیمی الهلال، محمد، الادب المقارن، 1999، ط2، بیروت، دار العوده.
الفاخوری، حنا، الادب القدیم، 1385، ط3، منشورات ذوی القربی.
القط، عبد القادر، من فنون الادب المسرحی، 1978، لاط، بیروت، دارالنهضه العربیه.
المعلوف، لویس، المنجد فی اللغه، 1379، ط1، طهران، انتشارات فرحان.
المقدسی، انیس، تطوّر الاسالیب النثریّه فی الادب العربی، 1979، ط1، بیروت، دارالعلم للملائین.
ملك پور ، جمشيد، ادبيات نمايشي در ايران، 1363، ط1، طهران، انتشارات توس.
میر صادقی، جمال، داستان و ادبیات، 1375، ط1، طهران، انتشارات نگاه.
------------ ، عناصر داستان، 1385، ط5 ، طهران، انتشارات سخن.
------------ ، ادبيات داستاني، 1376، چ3، تهران، نشر علمی.
----- ، جمال و میمنت، واژه نامه هنر داستان نویسی، 1377، تهران، کتاب مهناز.
ندا، طه، الادب المقارن، 1991، لاط، بیروت، دارالنهضة العربیّة.
همايي،جلال الدين، فنون بلاغت و صناعات ادبي، 1373، چ10، تهران، نشرهما.
الهمذانی، بدیع الزمان، مقامات، 2006، ط4، لبنان، دارالکتب العلمیّة.
[1] عضو هیأت علمی دانشگاه اراک
[2] دانشجوی دکتری زبان و ادبیات عربی دانشگاه آزاد واحد علوم و تحقیقات
المقامة خطوة إلي المسرحيّة القرائيّة