Quantcast
Channel: متــــرجـــــم عـــربی - دکتر مهدي شاهرخ
Viewing all articles
Browse latest Browse all 578

توظیف الرموز الأسطوریة فی الشعر بین نازك والسیاب

$
0
0
توظیف الرموز الأسطوریة فی الشعر بین نازك والسیاب


د. رباب هاشم حسین / كلیة التربیة / جامعة بغداد
المقدمة
بعیدا عن محاولتنا ولوج عالم الأسطورة ورموزها یجدر بنا الإحاطة بمجمل الدوافع التی دعت الشاعر المعاصر إلى اللجوء إلى ذلك التراث الإنسانی الموغل فی القدم لیستلهم منه تلك الأجواء الروحیة العمیقة وملامح البطولة الإنسانیة المتفردة التی تجسدت بأفعال الشخصیات الأسطوریة وتطلعاتها ومواقفها إزاء الحیاة الإنسانیة وما یحیط بها من غموض وتعقید.
وإذا كانت الأساطیر فی مضمونها العام حكایات أو قصص غارقة فی الخیال والتصورات الخرافیة بوصفها مجافیة للمنطق الحضاری الحدیث فكیف یمكن أن یكون اللقاء بین الشاعر المعاصر وصانع الأسطورة؟ إن نظرة فاحصة متعمقة فی صمیم العمل الشعری والبناء الأسطوری تظهر لنا بجلاء مدى الصلات الحمیمة التی تربط بین هاتین الظاهرتین . ولعل أبرز تلك الصلاة هی البناء اللغوی وأسلوب الأداء التعبیری اللذان یتجاوزان حالة التشابه إلى حالة مهمة من التطابق الذی یثیر فی أذهاننا الاعتقاد بأننا ورثنا من إنسان بتلك الثقافة الأسطوریة البدائیة الكیفیة اللغویة التی كان یعبر بها عن تصوره وإدراكه للواقع وإننا برغم ما نملك من نظرة موضوعیة ما زلنا نحتفظ بتلك اللغة المفعمة بالحیاة والرموز ولعل الصفة الأسطوریة للتراكیب اللغویة والمفردات اللفظیة من المسلمات التی یقوم علیها العلم الحدیث فی أصل اللغة.
فضلا عن ذلك كله إن البناء الأسطوری لا یتضمن عنصرا نظریا أو فكریا فحسب بل انه یحمل عنصرا فنیا ذا طابع إبداعی على نحو ما یقول كاسیرر وأول ما یلفت انتباهنا فی الأسطورة هو صلتها الوثیقة بالشعر ذلك أن عقل مبدع الأسطورة عقل شاعر بل إن الشاعر وصانع الأساطیر یعیشان فی عالم واحد فلم تعد الأسطورة مرتبطة بمرحلة تاریخیة بدائیة لان الفن لا ینقد إطلاقا الخیال ألغرائبی الذی تصوره الأساطیر بل یتجدد مع كل فنان عظیم فی كل العصور.
إن الأسطورة بما تنطوی علیه من طاقات إبداعیة فاعلة ومؤثرات تكسب الشعر قدرات فنیة ودلالیة من خلال خلق علاقات لغویة عمیقة السعة والشمول بحیث تصبح بنیة القصیدة نسیجا فریدا من الدلالات والرموز التی تحیل إلى ذلك العالم الغامض الخفی الذی یتوخى الشاعر تجسیده على المستویات الفكریة والنفسیة والإنسانیة وعن طریق الأسطورة وما تتضمن من عطاء فنی وتاریخی تكون إسقاطات الشاعر الرامزة التی تجعله یوظف الأسطورة توظیفا رامزا یكون فی وسعه تخلیص اللغة الشعریة من غنائیتها الفجة بواسطة استحداث معادل موضوعی بین الذاتیة والموضوعیة والانطلاق بالتجربة الفردیة إلى مستوى التجربة الإنسانیة الكلیة.
ولعل القارئ الكریم لا یستغرب أن یستخدم السیاب الرموز الأسطوریة فی شعره لأنه أغرم بها وتوسع فی توظیفها منذ بواكیره وقد یتعجب من توظیف الرموز الأسطوریة فی شعر نازك الملائكة لان نازك فی دراسات الباحثین عزفت عن استخدام الأساطیر أو الاهتمام بها وهذا ما دفعنا إلى تألیف هذه الدراسة التی تعقد موازنة بین قدرة السیاب الفنیة فی توظیف السیاب للرموز الأسطوریة لتجسید معالم الموت التاریخی وضرورة الانبعاث من خلال الثورة والتضحیة بل عبر عن قضایا إنسانیة كبرى لها صلة مباشرة بحاضر الإنسان ومستقبله فی حین إن الرموز والإشارات الأسطوریة فی شعر نازك تكاد تتركز فی بواكیر شعرها من الناحیة الزمنیة أما فی المراحل اللاحقة فإنها كما یبدو قد عزفت عن تلك التقنیة الشعریة واضعة ثقلها على الرموز ذات الدلالة الخاصة والبناء الشعری ذی السمة الشعریة ولقد حاولت استقراء كل الرموز الأسطوریة التی وظفتها نازك فی شعرها لجاعل القارئ على بینة حول طبیعة ذلك التوظیف ثم قارنت بین توظیف السیاب الفنی للرموز الأسطوریة وتوظیف نازك لرفع الحیف عن الإهمال الواضح لظاهرة استخدام الرموز الأسطوریة فی شعر نازك الملائكة.
             توظیف الرموز الأسطوریة فی الشعر بین نازك والسیاب
الرموز الأسطوریة فی الشعر العربی الحدیث الدوافع والمؤثرات:
لا یخفى أن من المنجزات المهمة فی حركة الشعر الحر على ید الرواد استخدام الأساطیر رموزا یوظفونها فی بناء القصیدة لتعبر عن أفكار ومعان عمیقة وعن رؤى ومضامین طریفة ومكثفة لم یألفها القارئ العربی قبل خمسینات هذا القرن وبدأت تحتل لدى الشعراء المتأثرین بالأدب الأوربی حیزا كبیرا فی الخمسینیات والستینیات... وخاصة فی الإنتاج الشعری إلى الحد الذی جعل خلیل حاوی یعد استعمال الأسطورة فی الشعر الحدیث من أهم صفاته (1)
ولعلنا لانعدم البحث عن أساطیر ودت فی الشعر العربی القدیم ولأجرم أن نعثر على رموز أسطوریة فی الشعر العربی الحدیث قبل الرواد ولاسیما لدى جماعة الدیوان وابولو ولكن الاستخدام لدى الشعراء الرواد فی العراق أخذ اتجاها أخر أكثر عمقا وأوسع أفقا وأبعد نظرا وأكبر كما ومما لاشك فیه أن هؤلاء الشعراء قد تثقفوا بالثقافة الأجنبیة وأطلقوا على الأدب الأوربی عامة والشعر الغربی خاصة لان شعرهم كما یبدو استقى من الشعراء الأوربیین فكرة استخدام الاساطیر وعلى الرغم من أن الاساطیر نتاج (إغریقی أو رومانی) لكنه أصبح فیما بعد تراثا أوربیا یتبناه الشعراء الغربیون ویوظفونه فی شعرهم ولكنه تراث طبیعی للغربیین أولا ولكن شعراءنا سارو إلیه بدافع التقلید وبدعوى التجدید(2)على رأی الدكتور علی جواد الطاهر.
إن الشعراء العرب الذین لجأوا إلى استخدام الرموز الأسطوریة فی شعرهم مطلع هذا القرن تأثرا بالشعر الغربی واقتباسا لأسالیبه كانوا یدركون تماما إن واقعهم وظروفهم السیاسیة والفكریة آنذاك هو واقع مشابه للواقع الذی أشار إلیه ت.س. الیوت فی قصیدته الأرض الخراب وحین تكون الأرض الخراب بالنسبة ل(ت.س.الیوت) المدینة الخیالیة (الیوتوبیا) بكل ما فیها فالأرض الخراب بالنسبة للشعراء العرب هی أرض بلادهم التی غزتها الحضارة الجدیدة وبالتالی فقدان الناس فیها لهویتهم الأصیلة وبما أن الأرض الخراب فی قصیدة الیوت تسترد عافیتها بوعد هطول المطر فی الجزء الأخیر منها فالشعراء العرب قد استفادوا من هذه الفكرة فی أسطورة ادونهیس ولذا فان خلاصهم یتحقق حسب اعتقادهم من خلال التضحیة ویتضح ذلك مثلا لدى الشاعر یوسف الخال الذی یرى أن تجاوز الواقع المر إلى مستقبل مشرق لن یكون إلا من خلال الموت (التضحیة) الذی یتبعه واقع جدید (البعث) وانطلاقا من هذا المبدأ لجأ یوسف الخال إلى توظیف أسطورة 0تموز) لما فیها من دلالة رمزیة كان ینشدها.
ومن أوائل الذین أفادوا من أسطورة تموز وتوظیفها فی الشعر العربی بدر شاكر السیاب وعلى أحمد سعید الذی لقب نفسه ب(أدونیس) وهو الاسم الإغریقی ل(تموز) ففی قصیدته البعث والرماد (1957) خیر مثال على التعبیر عن موقفه السیاسی تجاه واقعه.(3)
ومن الطبیعی إن تتحدد دوافع استخدام الاساطیر بین التقلید للشعراء الغربیین أمثال ت.س.الیوت t.s.eliot وادیث سیتویل edith sitwell وجون كیتس gohn keats وشیللی shelley وغیرهم وبین البحث عن الأبعاد والدلالات الرمزیة أو الرجعة إلى الحیاة البدائیة الساذجة للتخلص من تعقید الحیاة أو البحث عن معین فنی بعید عن مادة الحیاة فیه غذاء للخیال وانطلاق من حدود العقل (4). ومن الجدیر بالإشارة أن الشعراء الرواد – وخاصة السیاب والبیاتی – حین استخدموا الاساطیر أضافوا إضافة نوعیة إلى الشعر العربی التحدیث وحسبهم أنهم وظفوه فی كیان قصیدة عربیة مكتوبة بلغة عربیة وأفكار عربیة وجها ولسانا بالرغم من التأثر بالشعراء الأوربیین ولقد نجحوا أیما نجاح.
إن قضیة التأثر والتأثیر واردة هنا ولا ضیر فیها فی ظننا لان الاساطیر أصبحت تراثا عالمیا وانسانیا فیها من شمول الدلالة والعمق ما یجعل الشاعر العربی یوظف رموزا أسطوریة توحی بما هو أكبر من المساحة التی تحتلها من اللفظ (5). ولكن استخدام الاساطیر كما یرى د. علی البطل لا یعد فی ذاته ظاهرة تستحق الاهتمام بقدر ما یستحقه الجدید فی الاعتماد على الأسطورة وجعلها عنصرا فاعلا من عناصر القصیدة الحدیثة لا تزیینا أو زخرفا بلاغیا (6). وهذ ما طمحنا إلى ألفات النظر إلیه فی مستهل هذا البحث لان تبنی الاساطیر فنیا لا یتأتى بسهولة لكل شاعر ما لم یفهم الأبعاد الإنسانیة والمعانی الفكریة العمیقة للأساطیر القدیمة وامتلاك دلالاتها مثلما یمتلك تجربته الشعریة وصیاغته الفنیة.
الرموز الأسطوریة فی شعر الرواد فی العراق:
ما یهمنا – إذن – أن استخدام الرموز الأسطوریة فی شعر الرواد كانت قضیة تستحق البحث لأنها ظاهرة مهمة من ظواهر هذا الشعر لما فیها من دلالات خاصة حاول الشعراء من خلالها تفجیر الدلالة المطلوبة فی إطار السیاق الشعری لیؤكدوا الأحاسیس والمعانی والأفكار التی یحملونها فی جنباتهم من خلال المواءمة بین الرمز والسیاق الفنی بمعنى توظیف الشاعر لرمزه الأسطوری انسجاما مع السیاق الفنی لقصیدته ولولا ذلك لتحولت القصیدة إلى (ترقیع) غیر متجانس فنیا.
ولقد تفاوت الشعراء الرواد فی أسالیب استخدامهم للرموز الأسطوریة فمنهم من ذكر شخصیة من شخصیات الأسطورة ومنهم من اتكأ على معناها العام دون أن یذكرها ومنهم من ذكرها وأفاد من مغزاها العام.
كل حسب قناعاته ودوافعه وذلك لما فی الأساطیر من طاقة رمزیة تمنح الشاعر مجالا للتعبیر لیفصح عن أفكاره على نحو فنی یبعد القصیدة عن المباشرة والسطحیة من جهة وینأى بالشاعر أحیانا أن یكون عرضة للأذى والملاحقة (7). وهذا یشیر إلى أن للظروف السیاسیة والاجتماعیة دورا فی هز كیان الشاعر أمام هذا القلق الحضاری وتبدل القیم والعلاقات الإنسانیة.
یبدو أن الشعراء الرواد كانوا على صلى بالثقافة الأوربیة والأدب الغربی وأخص بالذكر هنا نازك الملائكة والسیاب فقد اطلعوا مثلا على كتاب الغصن الذهبی لجیمس فریزر وعلى بعض المعاجم المیثولوجیة المترجمة وغیر المترجمة فالسیاب على سبیل المثال توزعت لدیه المصادر الأسطوریة وتنوعت بین مؤثرات ثقافیة لشعراء أوربیین وبین مؤثرات میثولوجیة قدیمة لكتب وأسالیب أدبیة حوت مضامینها دلالات اجتماعیة وإنسانیة كثیرة.(8)
یتفق مجمل الباحثین على إن السیاب هو أول الشعراء الرواد من العراقیین استخداما للأساطیر فی شعره فی مجال الرصد التاریخی وهذا مما شاع لدى شریحة كبیرة من القراء وحقیقة الأمر أن نازك الملائكة هی الأسبق إذا أردنا التسلسل الزمنی ومما یدل على ذلك ورود أسماء شخصیات أسطوریة فی شعرها منذ عام 1945 فی قصیدتها الطویلة مأساة الحیاة فی صورتها الأولى وذا ورد (ابولو) حوالی عام 1945 فانه یرد عابرا عاما فی مأساة الحیاة أی من غیر الموحیات البلاغیة المطلوبة وربما كان (بلاوتس) اله الذهب عام 1950 مثله أو قریبا منه (9).
وفی مقولتها أغنیة للإنسان 1950 أسماء شخصیات أسطوریة متعددة أیضا ومما یؤكد اهتمام نازك بالأساطیر الإغریقیة وغیرها ما ذكرته د.حیاة شرارة من أن نازك الملائكة درست اللغة اللاتینیة منذ عام 1950 والذی یدرس اللغة اللاتینیة یطلع بالضرورة على الأدب الرومانی وما فیه من أساطیر تقول واصلت نازك دراسة اللغتین اللاتینیة والفرنسیة وظلت تحفظ قوائم تصریف الأفعال وتغیرات نهایات الأسماء اللاتینیة وفی الوقت نفسه بدأت بكتابة ملحمة أدخلت فیها أساطیر عربیة وإغریقیة وبابلیة ووجدت أنها بدأت بمرحلة جدیدة فی تطور شاعریتها (10).
وهذا أیضا و أكدته نازك نفسها فی مقابلة شخصیة معها عام 1984 (فی الكویت) حینما سئلت عن الأسماء الأسطوریة التی وردت فی شعرها هل جاءت بسبب اطلاعها المباشر على المصادر الأجنبیة أم تعرفت علیها من خلال الشعر الانكلیزی؟
أجابت كل هذه الأسماء وسواها استعملتها لأننی أعرف المیثولوجیا الإغریقیة من أصغر تفاصیلها إلى أكبرها درستها دارسة مفصلة فی فرع التمثیل بمعهد الفنون الجمیلة عام 1942 (11).
ولعل نازك فی حدیثها السابق قد بالغت بعض الشیء فی هذا الشأن ولكنه یدل بلا شك على اطلاع ما على الأساطیر الیونانیة.
إن ما ذكرته د.حیاة شرارة وغیرها من الباحثین وتواریخ قصائد نازك نفسها أعنی مطولتها تدل دلالة واضحة على أسبقیة نازك الملائكة فی مجال استخدام الأساطیر مقارنة بالسیاب الذی بدأ باستخدام الأساطیر بعد عام 1952 كما هو معروف فی مطولته الرائعة (المومس العمیاء) بسبب تأثره بالشعر الأوربی كما اشرنا سابقا ولقد اهتم السیاب ونازك اهتماما خاصا بالشخصیات الأسطوریة إضافة إلى اهتمامهما بالأسطورة عامة لان الشخصیة الأسطوریة توحی من خلال توظیفها فی القصیدة بما فی الأسطورة من دلالات وتكثیف للمعنى المطلوب وعلى هذا الأساس وردت فی شعرهما أسماء شخصیات أسطوریة تنم عن اطلاعهما واهتمامهما بالأساطیر الإغریقیة والرومانیة وغیرها.
 


                         الأسطورة بین نازك والسیاب:
 نحاول فی هذا البحث الوقوف على استخدام الأساطیر الإغریقیة والرومانیة وغیرها من غیر العربیة والإسلامیة فی شعر نازك الملائكة وبدر شاكر السیاب وستكون وقفتنا أكثر اهتماما بالأساطیر المشتركة بین الشاعر والشاعرة مما وجد فی غیر التراث العربی والإسلامی والمسیحی حتى لا تتشعب خطوط البحث ویتضخم وسینحصر استقراؤنا بالأساطیر الإغریقیة والرومانیة والبابلیة المشتركة وهذا لا یعفینا من ذكر الرموز الأسطوریة غیر المشتركة بینهما نوردها على سبیل الذكر لا التحلیل ولا ننسى إن نشیر إلى إن الباحثین درسوا الأسطورة فی شعر السیاب دراسة تفصیلیة ولا حاجة هنا إلى التكرار ولذلك ستكون وقفتنا أطول عند الأسطورة فی شعر نازك نرصد تطورها ونلج غالى الرموز المشتركة بینهما ندرسها ونحاول بیان الأسبق أو الأكثر فینة فی استخدام بعض الرموز المشتركة ویبدو إن دراسة الأسطورة فی شعر نازك ظل بعیدا عن متناول الدارسین إلا ما ندر ویعزو الدكتور علی جواد الطاهر ذلك إلى أن نازك لیست مادة لموضوع الأسطورة والإعلام والرموز (12).
ونحن نرى أن شعر نازك فیه مادة طیبة فی مجال البحث عن الأساطیر لما فیه من دلالات ورموز أسطوریة وأسماء شخصیات استلت من أساطیر الإغریق والرومان أطلقت نازك على بعضها فی مقدمة دیوانها (شظایا ورماد) تسمیة بضع لكلمات أوربیة.
وعلى هذا الأساس یمكن التأكید على إن نازك استخدمت الرموز الأسطوریة قبل عام 1950 وخاصة فی مطولتها (مأساة الحیاة 1945 وهذا تاریخ له أثره المهم فی مجال الوعی باستخدام الأساطیر فی شعرنا العربی الحدیث فی العراق ولكن السبق الزمنی شیء والتوظیف الفنی شیء آخر ولعل استخدام نازك للأساطیر فی هذه المرحلة كان باهتا ضعیف الأثر فی بناء القصیدة الفنی بل یكاد یكون حرفیا ساذجا لیس له معنى خاص خارج الأسطورة القدیمة... لا یعدو أن یكون ركنا فی تشبیه أو حد الاستعارة... ویبدو فی الحالتین مقحما على السیاق الشعوری فی القصیدة وذا الحدیث الأسطوری أیضا مجرد سرد قصصی للأسطورة لم تتمكن الشاعرة آنذاك من تلوینه بأیة ظلال شخصیة تضفیها على المغزى الأصلی للأسطورة (13).
إن هذا فی اعتقادنا عیب من عیوب الریادة ونازك هی الرائدة الأولى للأسطورة فی الشعر العراقی الحدیث ولابد من الوقوع فی دائرة الضعف إذا ما عرفنا أن الاهتمام بالأساطیر لدیها كان عام 1945.
ولو تتبعنا الشاعرة بعد عام 1950 لوجدنا أن وعیها الأسطوری أخذ منحى آخر فیه شیء من العمق والتمثل الفنی للأسطورة وهذا یلمح إلى إن الشاعرة استعجلت الأمر وأخرجته قبل أن یختمر ولكنها سجلت سبقا زمنیا على زملائها فی مجال الاطلاع على الأساطیر.
قلنا أن الشاعرة لم تعط لنفسها الوقت الكافی لاستبطان الأساطیر وتمثلها على العكس من بدر شاكر السیاب الذی تعامل مع الأساطیر بوعی لا نظیر له وبقدرة یحسد علیها فی مجال التمثیل والفهم للأساطیر ولقد أفاد السیاب مما وقعت به نازك من عیوب ثم انه لم یستعجل الأمور فلم یخرجها إلا بعد أن تمكن منها مما جعل توظیفه للأساطیر ذا شأن فی بناء القصیدة مع تأخره زمنیا عن الشاعرة بسنوات والمهم كما یقول د.علی جواد الطاهر فی هذا المجال إن بدر شاكر السیاب تمكن من أداته وشرع یقدمها سمحة مطواعة یكسب بها ما كسبه الشاعر الغربی مثله... ثم قد یصل الباحث إلى بیان السابق أو الأسبق من شعراء الشعر الحر فی العراق إلى هذه الظاهرة ومكان بدر شاكر السیاب مضمون على أیة حال وذا كان غیره (وأفكر ببلند ونازك الملائكة) بدأ الطریق إلى غیر علم ببدر أو على غیر اعتراف بعمله فالممكن أنه زاد من الاستخدام عندما رأى نجاحها عند بدر. (14)
أن الدوافع إلى استخدام الأساطیر فی اعتقادنا مشتركة بین السیاب ونازك بل الشعراء الرواد فی العراق جمیعا هی دوافع فنیة وفكریة وسیاسیة واجتماعیة فبعد أن أدرك السیاب والملائكة حاجتهما إلى أسلوب فی التعبیر عما یدور فی خلجاتهما وهوا جسهما الشخصیة وافكارهما ومواقفهما السیاسیة والاجتماعیة دون أن یلحق بهما أذى أو یواجها برد فعل عنیف من الأطراف المعنیة التجأ كل من الشاعر والشاعرة إلى استخدام الرموز الأسطوریة فی شعرهما وقد أبدع الاثنان فی هذا المجال (15).
ولو درسنا الظروف التی كان یمر بها العراق آنذاك لوجدناها ظروفا قاسیة فی المجال السیاسی والاجتماعی والفكری وكانت لهذه الظروف مردودات سلبیة على الشعراء فی تلك الفترة نعنی منذ نهایة الأربعینات حیث كانوا یعانون من قوى التسلط والظلم والرعب التی كانت تحكم البلاد وقوى الشر التی تحكك العالم وعلى الرغم من أن الشعراء العراقیین قد عبروا عن تلك الظروف فی أغلب قصائدهم إلا أنهم فی الوقت نفسه كانوا متفائلین ویحلمون بشمس الحریة والثورة على الطغیان ولعل السیاب كان أكثر هؤلاء الشعراء تعبیرا بوساطة الرموز الأسطوریة عن الجدب السیاسی والفكری الذی یعیشه العراق وبعد ثورة 1958 أصبح السیاب أكثر اهتماما بالأساطیر خاصة بعد فترة مرضه للتعبیر عن حرمانه وغربته ومرضه وانتظاره الموت... نراه یستخدم موازنة بین متضادین رغم تناقضهما: أساطیر العذاب والموت وأساطیر الخصوبة والنماء. (16)
والمهم أن الشاعرین طمحا إلى التكثیف والتركیز ونبذ المباشرة والتقریریة التی شاعت لدى شعراء مطلع القرن العشرین لیجعلا من القصیدة عالما من الإسرار والرموز التی لا تعطی نفسها بسهولة للمتلقی حتى یصبح له دور فی مجال التأمل والاحتراف والفهم ونحن لا ننفی أن بدر كان متمكنا من أدائه مدركا لخطواته فی هذا الشأن لم یلج عالم الأساطیر لمجرد اطلاعه علیها فقط كما فعلت نازك بل تأملها جیدا بعد أن اطلع على الأدب الانكلیزی وعلى شعر ت.س.الیوت وادیث سیتویل بوجه خاص وكان له الفضل الأكبر فی قیادة خطواته نحو المنهج الصحیح فی استخدام الأساطیر (17).
ولعله استثمر جهود نازك فی هذا المجال وطورها وأفاد منها معتمدا على اطلاعه وقوة شاعریته وقدراته الفنیة التی تفوق بها على غیره من الشعراء.
أن مما یلفت النظر فی قضیة استخدام الأسطورة فی شعر نازك أمران:
الأول: إن الرموز والإشارات الأسطوریة تكاد تتركز فی بواكیر شعرها من الناحیة الزمنیة أما فی المراحل اللاحقة فإنها كما یبدو قد عزفت عن تلك التقنیة الشعریة واضعة ثقلها الإبداعی على الرموز ذات الدلالة الخاصة والبناء الشعری ذی السمة الرمزیة وكان الشاعرة قد أدركت أنها لم تستطع إن تضاهی ما قدمه زمیلاها الشاعران السیاب والبیاتی (18).
وهذا ما یأخذ بأیدینا إلى الأمر الثانی: وهو أن نازك لم تدرك شأو الشاعر بدر شاكر السیاب فی مجال توظیف الأسطورة فنیا فی شعرها وهذا فی ظننا یعود إلى أسباب متعددة ذكرنا بعضا منها فی الصفحات السابقة ونلفت النظر إلى أمر مهم لم یقف عنده الدارسون أبدا وأعنی اقتصار نازك على توظیف الأسطورة فی شعرها (العمودی) عامة وهذا فی اتقادنا یشكل خللا كبیرا فی مجال الإبداع الفنی.
فلیس من المعقول أن تستخدم الشاعرة أسلوبا جدیدا لم یألفه الشعر العربی سابقا وهی تطمح الى تغیر النوع الادبی من التقلید الى التجدید ثم توظف هذا فی قصیدة غنائیة تقلیدیة مما یحیله غالى استخدام محدود غیر متوالد وهی فی ذلك تشبه الشاعر أحمد شوقی الذی ادخل نوقا شعریا جدیدا إلى لشعرنا العربی ولكنه ظل یدور فی إطار القصیدة الغنائیة بینما یتطلب الشعر المسرحی شعرا درامیا حتى تحولت المسرحیة الشعریة لدیه إلى قصیدة غنائیة تتوزع على شخصیات المسرحیة یتحكم بها العروض والبحر الشعری والقافیة ولقد كانت مسرحیات شوقی تستجیب إلى الشعر فتتحول إلى قصائد جمیلة ومقطوعات منفصلة یثقلها الاستطراد والتفكك وتفتقد النمو الدرامی المطلوب... إن المأزق الرئیسی والأشكال الأساس فی شعر شوقی المسرحی (وتلامیذه من بعده) یكمن فی محاولتهم الوصول إلى التطور الشعری الخارجی (الشكل المسرحی) قبل تحولهم الشعری الداخلی الضروری (الحداثة) فكانوا یعالجون فنا متطورا بأدوات متخلفة ورؤیة قدیمة.(19)
وهكذا كانت نازك الملائكة فی مجال توظیف الرموز الأسطوریة قد أدخلت الجدید فی إطار قصیدة عمودیة غنائیة مألوفة ونحن هنا لا ننسى أن الشاعر المبدع أكبر من كل قید ولكنه لإبداعه لا تفوته فرصة الإتیان بالجدید بوسائل جدیدة أیضا ویبدو أن نازك لم تحمل قضیة التجدید فی مجال استخدام الأساطیر فی بواكیر شعرها على محمل الجد أو أنها لم تمثلها تمثلا عمیقا أو تدرك ما فیه من جدید أو لأنها أول من استخدم هذا الجدید بما نسمیه بعیوب الریادة ولم افترضنا أن نازك أخر من استخدم الأساطیر من الرواد هل سیكون توظیفها للرموز الأسطوریة بمثل هذا المستوى الذی هی علیه؟ هذا مانشك فیه.
والمهم أن نازك بالرغم من استخدامها لأسماء شخصیات أسطوریة فی دیوانها الثانی (شظایا ورماد) نراها تشیر إلى تلك الأسماء فقط دون الوقوف عندها وبیان دوافع استخدامها وكان مناسبا لو حدثتنا عنها فی مقدمتها القیمة لهذا الدیوان ویمكن القول أنها استعملتها كما تستعمل أیة لفظة لدیها أی إنها لم تفكر لدى الاستعمال ببلاغة خاصة لوقعها وبإدخال جدید على الشعر العربی ثم استعمالها لم یكن ذا أثر فی الآخرین.. وإنها لم تلتزمه صفة ویكفی أنها نشرت دیوانا من أهم دواوینها هو (قراره الموجة) 1957 دون أن تدل على اهتمام بالأسطورة (الاغریقیة). (20)
وهی فی هذا تختلف عن السیاب الذی ابتدأ بتوظیف الأساطیر دون أن ینتهی منها وظل متحمسا لها حتى اواخر أیامة لانه استخدمها عن وعی بمعنى التجدید وعن أدراك واستبطان لها وأجاد فیها أیما إجادة لأنه كان یضع قدمه على الأرض الصلبة التی تساعده على الندفاع فی هذا المضمار وابتكار ما هو رائع فی هذا الشأن ولقد لجأ إلى استخدام الرمز الأسطوری مؤمنا بقیمته الفنیة(21)
وانصب جزء من اهتمامه بتعریف القارئ العربی بتلك الرموز الأسطوریة أو أسماء الشخصیات الأسطوریة حتى یستوعب المتلقی ما یریده الشاعر و إذا كان بدر متمثلا لهذه الإعلام والأساطیر فانه یعلم أن أغلب القراء لم یسمعوا بها مع انه شاعر شعب ویطمح أن یكون شعبیا (22)
وكانت نازك أیضا تعرف بأسماء الإعلام الأسطوریة وغیرها فی نهایة دواوینها أو فی الهوامش كما فعلت فی شظایا ورماد ولكن السیاب كان أكثر اهتماما منها بتعریف الأساطیر.
أشرنا فیما سبق إن اهتمامنا سینصب على الاساطیر الإغریقیة والرومانیة وغیرها مما لا صلة له بالدین الإسلامی والمسیحی والتراث العربی لدى كل من نازك والسیاب ونحن نعقد مقارنة بینهما فی مجال توظیف الاساطیر فی شعرهما ثانیا ونعزو سبب ذلك إلى إن الأساطیر الإغریقیة درست دراسة وافیة من لدن الباحثین الأوربیین وهذا یعنی أنها متاحة للاستلهام الأدبی والفنی على نحو أفضل وهذا هو واقع الحال فی الثقافات والآداب الأوربیة التی تشكل جزءا أساسیا من المكونات الثقافیة والأدبیة لنازك (23) السیاب.
ویبدو أن توظیف الاساطیر لدى نازك توظیفا أدبیا لم یأت إلا بعد الخمسینات عندما اتخذ الرمز الأسطوری لدیها مستویین الأول: استخدام أسماء الشخصیات الأسطوریة مثل: ابولو apollo واریس ares وبلوتو Pluto ونارسیس... naressus الخ، والثانی: استلهام الاسطورة كاملة أی استثمار البناء القصصی للأسطورة أو الفكرة العامة لها فی توقیعه شعریة كاملة مثل أسطورة (نهر النسیان)  و(بلاوتس) وغیرها فالشاعرة فی قصیدتها نهر النسیان مثلا لم توظف الاسطورة مادة وشخوصا بل أنها اتكأت على فكرتها العامة ومزجتها بتجاربها الشخصیة ومعاناتها فلم تكن الإشارة طافیة على سطح القصیدة یمكن استبدالها بأی رمز أسطوری مناسب دون أن یختل المعنى أو یضطرب بناء القصیدة. (24)
أن الرموز الأسطوریة التی وظفتها نازك توظیفا عاما وجعلتها مادة أساسیة فی بناء القصیدة یمكن أن نحددها فی بواكیر شعرها المتأثر بالشعر الأوربی وخاصة فی مطولتها الشعریة فی صورتها الثانیة (أغنیة للإنسان) 1950 وسنقف عند تلك القصائد وغیرها عند المقارنة بینهما وبین السیاب ولعل من المفید أن نذكر هنا أن رموزا أسطوریة مشتركة بین نازك والسیاب یمكن أن نستعرضها ونقف عندها لأنها مادة البحث الأساسیة وهناك رموز انفرد فیها كل منهما سنكتفی بذكرها فقط حتى نقی البحث الطالة والتشعب والخطل وسنحدد فی الجدول التالی أهم الرموز المشتركة بین نازك والسیاب:
 


 


  الرمز


       الأصل


                      الدلالة



1. ادونیس


       إغریقی


    الخصوبة، الجمال، الدمومة



2. ابولو


       إغریقی


    الشمس، الجمال، المعجزة



3. دیمیتر


       إغریقی


    الخصوبة، تعاقب الخصب مثل ادونیس



4. نارسیس


    إغریقی/رومانی


    عبادة الذات



5. اللابرلث


    إغریقی/رومانی


    الطریق الغریب، المتاهة، الضیاع



6. میدوزا


       إغریقی


    القوة القاتلة، العیون المؤثرة (الشریرة)



7. السیرین


       إغریقی


    الإثارة ، الإغراء ، الخداع



8. فینوس


       رومانی


    الجمال، الحب



(أفرودیت)


       إغریقی


    الجمال، الحب



9. جوبتر (زیوس)


       إغریقی


   (رمانی)


    الخصب ، العطاء (اله الرعد والأمطار)



 أما رموز نازك الأسطوریة التی لا تشترك فیها مع السیاب فی اریس aresi اورورا aurorai دایانا dianai لیثی lethei مایدس midasi أولمب olympusi بلوتو plutoi تاییس thaisi یوتوبیا utopiai فیستا vestai فلكان vulcani فیكان... vica الخ...
ولدى السیاب رموز كثیرة لا یشترك فیها مع نازك تناولها الباحثون بالدراسة منها:
أودیسیوس odysseusi وأودیبا oedipusi والكترا electrai وجوكاست gecastai وفاوست fausstusi وهییلین heleni وكونغای kongaii ودافنی daphnei وتنتالوس tantalusi وسیزیف sisyphusi وایكاروس lcarusi واورفیوس... Orpheus الخ...(26) 
وقبل أن نعقد مقارنة بین نازك والسیاب فی مجال توظیف الاساطیر لابد من استعراض تطور هذا التوظیف لدى نازك أولا ثم نعرج على السیاب بعد ذلك مقارنین بینهما وذلك لنزر الدراسات التی كتبت عن الاسطورة فی شعر نازك أما السیاب فالدراسات كثیرة عنه فی هذا المجال.
إن من أهم القصائد التی ضمت إشارات أسطوریة فی شعر نازك مطولتها الشعریة بصورها الثلاث 1945 – 1965 (27)
واحتوت عددا كبیرا من الرموز الأسطوریة ذات الدلالات المحدودة أما بقیة الإشارات الأسطوریة فی شعر نازك فیتوزع بین الأعوام 1949 – 1957 وأعنی بین دیوانیها شظایا ورماد وقراره الموجة ثم تعزف بعد ذلك على العكس من السیاب عن الرموز الأسطوریة لأسباب نفسیة وفكریة ولكنها تستعض عنها برموز دینیة وتراثیة مستمدة من التراث العربی والإسلامی والمسیحی.
وحتى نقرب أسلوب توظیف الاسطورة فی شعر نازك من الممكن الاستشهاد بقصیدة صلاة إلى بلاوتس (28)
التی اعتمدت فیها نازك ثلاثة رموز أسطوریة: الأول: بلاوتس plutus (29). والثانی: فلكان Vulcan (30). وهو اسم رومانی ل(هیفستس Hephaestus) (الإغریقی. والثالث مایدس midas.) (31)
تستعرض نازك فی مطلع قصیدتها (مطولتها) لهاث الإنسان المعاصر وراء الطمع والجشع فی هذه الدنیا أو فی واقعنا المعاصر من خلال الذهب بكل تداعیاته ومن خلال ذلك تستنكر صورة (مایدس) الذی ساقته أطماعه ولهاثه وراء التبرالى ذلك المصیر المأساوی الذی وصل إلیه فی نهایة القصیدة وقد بلغت فیه شهوة حب الذهب فی مطلع القصیدة مبلغ الجنون إلى الحد الذی أصبح فیه كل شیء یذكره بالذهب هذا المعدن الثمین وأصبح كل ما یذكره به یثیر فی نفسه مشاعر الطمع المجنون حتى النجوم والبحر:
حدثیهم عن ذلك الملك الغابر (میداس) كیف كان مصیره أین ساقته شهوة الذهب العمیاء ماذا جنی علیه غروره جن بالتبر لم یعد یعشق الأنجم إلا إذا أذكرته سناه وازرقاق الغیوم والبحر ما عاد مثیلا لحبه ورؤاه وتتصادم فی أعماق نفس (میداس) مشاعر الجشع المضنی والهیمنة على كنوز الدنیا وهو یحلم بالكنز الذی سیحصل علیه ویتحقق له كل ما كان یرغب فیه حین منحه الإله (دیونیسیس Dionysus ) یدا تحول كل شیء إلى ذهب فالإزهار والأشجار والأنهار والأكل والشرب تحولت على ید هذا الملك المجنون بالتبر غالى ذهب بارد لا حیاة فیه ولا یمنحه الحیاة الخالدة التی كان یتمناها وتضل به الحال إلى قمة المأساة حین حول ابنته (نهاوند) إلى تمثال من ذهب بارد تقول: أیه میداس أیها الملك الأحمق ماذا جنیت؟ أی غرور؟
ارقب ألان مطلع الفجر وانظر كیف عقبى خیالك المغرور فی غد تستحیل أشجارك الحیة تبرأ تعفه النداء وسواقی المیاه تجمد صفراء كصحراء جف فیها الماء وحریر الستائر اللدن یغدو جامدا لا لیونه لا انثیال و(نهاوند) بنتك العذبة الجذلى ستغدو فی لحظة تمثال فاشرب ألان خمره الندم البارد واسكر بحلمك الذهبی (32)
إن نظرة عامة إلى هذه القصیدة تأخذ بأیدینا إلى سبیل من سبل استخدام الاسطورة فی شعر نازك هذه القصیدة وهی إن نازك أضافت ما لم یكن فی الاسطورة أصلا حینما ابتدعت شخصیة نهاوند هو اسم من اختراع نازك (فارس الأصل) له صلة بالموسیقى ویقال أنها اسم لمدینة فی إیران استثمارا فنیا عالیا كما سنبحثه بعد حین ولعل كل هذا یشیر إلى رغبة نازك فی تطویر الاستخدام الأسطوری إذا ما واجهنا هذه القصیدة بقصیدة أخرى سابقة هی (نهر النسیان).
ومع ذلك یبقى التوظیف الفنی للأسطورة فی شعر نازك متخلفا عن بدر شاكر السیاب لأنها وراء الحكایة الأسطوریة بتفصیلاتها ودلالاتها اللغویة وكأنها تعید صیاغتها شعرا وبمعنى آخر أن نازك لم تستثمر الرموز الأسطوری استثمارا فنیا جدیدا یجعل هذا الرمز ذا تأثیر مهم فی القصیدة أنها لم تجعل من هذه الرموز رموزا خاصة بها لها دلالات فی المجال الفنی وإلا ما الاختلاف بین (بلاوتس) أو(میداس) فی دلالتهما العامة عما هو موجود فی أصل الاسطورة انه تكرار لتلك الدلالات لا غیر مع إضافة مهمة لم تستثمر فنیا ونعنی ابتداع شخصیة (نهاوند) ابنة (میداس) أما ظاهرة تعدد الرموز الأسطوریة فی هذه القصیدة فتبدو غیر مبررة ولا سیما رمز (بلاوتس) اله الذهب الذی لم یرتبط بأیة أحداث درامیة مثیرة لا فی الاسطورة نفسها ولا فی القصیدة ولذا فقد جنحت الشاعرة إلى اجتلاب الرمز الآخر (میداس)لأنه أكثر حیویة ویتمتع بطابع درامی یمكنه تحمل أعباء الفكرة التی أرادت الشاعرة تجسیدها ومن هنا یبدو (بلاوتس ) وكأنة نتوء أسطوری أقحم على النص إقحاما دون مبرر فنی أو موضوعی (33)
على حد تعبیر مسلم حسب حسین عدا كونه اله الثراء والعالم السفلی وهاتان المیزتان لهما علاقة بالذهب.
إن الشاعرة كما قلنا لم تستثمر الرموز الأسطوریة فی هذه القصیدة استثمارا فنیا یكثف المحتوى الفكری للقصیدة وان ظلت الاسطورة أكثر ثراء وعمقا فی دلالتها التوجیهیة (الإرشادیة) أما هل استطاعت نازك أن تطور الإحداث وتجعلها أكثر درامیة؟ هذا ما لا تسعفنا القصیدة على تصدیقه لأنها مثلا لم تستفد من ندم (میداس) وما انتابه من مشاعر مؤلمة بسبب فقدانه لابنته الوحیدة على الرغم من أنها أی الشاعرة هی التی أضافت هذا الجزء على الاسطورة بل لم توضح الشاعرة طبیعة ذلك الندم حتى جردته منه مع انه من أهم (اللحظات الإنسانیة درامیة) إن ما وجدناه فی الأبیات الأخیرة للقصیدة لا تخرج عن الم الشاعرة نفسها ومعاناتها الخاصة تجاه تلك الفتاة أما مشاعر الملك الطماع ومأساته فظلت مكبوتة غیر معلنة لم یدرك أبعادها المتلقی.
وباستطاعتنا ألان ونحن نستعرض باختصار تطور استخدام الاساطیر فی شعر نازك الوقوف على الرموز المشتركة بینها وبین السیاب لنقارن بینهما ولمعرفة الفر وقات الفنیة فی مجال توظیف الرمز الأسطوری فی القصیدة لدى كل منهما.
یرد لدى نازك اسم (ابولو) اله الشمس والفن والشعر فی موضع متعددة دون أن یخرج عن دلالته المعروفة أیضا وهذا من الاساطیر المشتركة بینهما وبین السیاب إلا إن السیاب كان أكثر قدرة فی مجال التوظیف الفنی لهذا الرمز بینما نجده فی شعر نازك محدودا لا فنیة فیه تقول نازك:
أیها الشاعر الذی یسهر اللیل مستغرقا فی الجمود محرقا روحه بخورا على حب (ابولو) ووحیه المنشود (34)
وفی قصیدة أخرى تقول:
راضیا بالشحوب والسقم حبا لابولو مستسهلا ما كانا (35)
یتضح من الأبیات السابقة أن الرمز الأسطوری هنا غیر متولد ولیس فیه الإشعاع الفنی الكافی ولم یتقمص دلالة جدیدة تخرج به عن دلالته اللغویة المعروفة فی الاسطورة الإغریقیة بینما نجد السیاب فی قصیدة (المومس العمیاء) یستخدم اللمحة الأسطوریة لمطاره (أبولو) اله الشمس والشعر ل(دافنی) لیوقع هذه الصورة على المحاورة التی یوردها على لسان المومس بقوله:
ستظل – مادمت سهام التبر تصفر فی الهواء تعدو ویتبعها أبولو من جدید كالقضاء وتظل تهمس إذ تكاد یداه أن تتلقفاها ابنی بید أنك لا تصیخ إلى النداء (36)
فالسیاب حین جاء بلمحة المحاورة هذه أراد أن یجعل منها دالة على واقعنا الحالی الذی أصبح أسطورة لهول ما یجابهه المرء من مشكلات حضاریة فإذا كان رمز (أبولو) وهو یحاول اغتصاب (دافنی) دلیلا على سطوة الإلهة الجبارة فی عالم الأسطورة فانه فی تجربة السیاب یعنی سطوة أخرى هی قوة الظلم والقهر الاجتماعی الذی یحیل مثل هؤلاء الفتیات إلى بائعات هوى محترفت (37)، ولا یوجد من ینقذ بائعة الهوى من شهوة الرجال عكس دافنی التی أقذها أبوها بعد أن حولها إلى شجر إكلیل (38)، ولقد حمل السیاب الأسطورة معنى آخر عمق فیه العمل الفنی وهو یؤكد قهر الواقع الموضوعی أمام اختیارات الإنسان.
ومن الرموز الأسطوریة المهمة التی تناولها كل من السیاب ونازك الملائكة (أدونیس) و (فینوس وقد أستخدمهما السیاب باسمیهما الإغریقی والبابلی إلا أنه مال كثیرا إلى التسمیات البابلیة فأطلق على أدونیس اسم (تموز) البابلی وعلى فینوس أمس (عشتار)حتى سمیت مرحلة من أهم مراحل شعره بالمرحلة التموزیة لكثرة ورود هذا الرموز فی شعره ولم یكن كتاب الانثروبولوجی الانكلیزی جیمس فریزر الغصن الذهبی هو المصدر الوحید الذی استمد منه السیاب أسطورة فینوس وادونیس بل هناك مصادر أخرى كالقوامیس المثولوجیة المترجمة والأصلیة وما كتب عن هاتین الشخصیتین فی الشعر الانكلیزی والشعر العربی الحدیث.
 


وبأسمائها البابلیة كـ ( عشتروت وأدونیس ) للشاعر اللبنانی حبیب ثابت ( 1974) الذی صاغ هذه الأسطورة فی ست عشر قصیدة قصیرة . (39)
وقد اجتمعت الشخصیتان فی شعر السیاب على العكس من شعر نازك الذی لم تجتكع هاتان الشخصیتان الأسطوریتان معا فیه بل تفضل نازك الاشارة الى كل منهما على نحو المستقبل ، وتكرار الاشارة الى أدونیس أكثر من فینوس ولم یرد اسم تموز فی شعر نازك كما حدث فی شعر السیاب وذلك لاعتادها على الاسطورة الاغریقیة لهذه الشخصیة وأدونیس كما هو معروف اله الخصب والجمال ومعناه ( السید الجلیل) الذی هامت به فینوس حبا لا كنه لم یعرها اهتماما فأمرت كیوبید أن یصیبه بسهم العشق لكنه أخطا فارسلت الیه خنزیرا قتله وقطع جسده وقال ان وردة شقائق النعمان قد أینعت من دمه (40) ولقد استطاعت نازك أن تستخدم رمز أدونیس استخداما شبه موفق حین جعلت مو أدونیس منبع الأسى والتعاسة لدیها ، وهی بذلك انحرفت عن المعنى الشائع ولم تتعامل معه تعاملا سطحیا على الرغم من مغزاه القدیم الذی یدل على جمال الطبیعة والكون وتجدد الحیاة ، تقول نازك:
أی أدونیس آه لو عشت فی الأرض فعاش السنا ومات الظلام
آه لو لم یكن مقامك فی عالمنا المكفهر حلما قصیرا
آه لو دمت یا أدونیس للأرض وأبقیت عطرك المسحور (41)
اما السیاب فكان مجیدا فی استخدامه لهذا الرمز باسمیه الاغریقی والبابلی شأنه مع الرموز الأخرى ، وهو یستخدمه فی قصیدة ( مدینة السندباد) رمزا للخصب والتجدید والحیاة المشرقة ولكن بصورة "عتاب صریح یوجه الشاعر الى أدونیس بتعبیر لا یخلوا من السخریة (42) یقول السیاب : أهذا أدونیس هذا الخواء ؟
وهذا الشحوب وهذا الجفاء؟
أهذا أدونیس ؟ أین الضیاع ؟
واین القطاف ؟
مناجل لا تحصد / أزهر لا تعتقد
مزارع سوادء من غیر ماء
أهذا انتظار السنین الطویلة ؟
اهذا صرا الرجولة ؟ اهذا أنین النساء
أدونیس یالاندحار الرجولة (43)
نلاحظ أن الاختلاف واضح توظیف هذا الرمز لدى من نازك والسیاب ونعزو ذلك كما قلنا سابقا إلى التزام القصیدة الغنائیة التقلیدیة مجالا لتوظیف الرمز وهذا لا ینسجم مع طبیعة التجدید فی مجال استخدام الرمز الأسطوری بینما یوظفه السیاب فی قصیدة درامیة حرة فجاء مبتكر رائعا آخذ بعده الطبیعی ویستخدم السیاب الرمز نفسه البابلی (تموز) هذه المرة استخداما سیاسیا غیر موفق فی قصیدة (العراق الثائر) وهو بهذا وقع بما وقعت نازك من غنائیة واضحة واقترب منها فی استخدامه لهذا الرمز لأنه "وهو یستطیع تفجیر الدلالة الأسطوریة للرمز كما كان یفعل فی سابق عهده فجاء تموز تشبیها قلیل الأثر فی سیاق القصیدة " (44) یقول السیاب:
فلتحر سواها ثورة عربیة ، صعق الرفاق
منها وخر الظالمون
لأن تموز استفاق
من بعد ما سرق العمیل سناه فانبعث العراق (45)
وهذا لا یعنی أن السیاب غیر مجید توظیف الرمز الأسطوری لتموز وإنما هی كبوة شاعر ، وقد وظفه توظیفه رائعا فی قصائد كثیرة وبالأخص حینما مزج بینه وبین شخصیة المسیح (ع) بعد أن حمل الشاعر ذلك الرمز مضامین فكریة واجتماعیة ذاتیة جدیدة غیر شائعة فی دلالته الأسطورة المعروفة ، ولعل خیر مثال نضربه فی مزج هاتین الشخصیتین لدى السیاب قصیدته
"رؤیا فی عام 1956"التی یقول فیها:
أیها الصقر المنقض من أولمب فی صمت المساء
رافعا روحی لأطباق السماء
رافعا روحی غنیمیدا جریحا
صالبا عینی تموزا ، مسیحیا
أیها الصقر الالهی ترفق
أن روحی تتمزق
أنها عادت هشیما یوم أمسیت ریحا (46)
فكلا الشخصیتین هما قناع یلبسه السیاب لیخفی شخصیته خلفه "فصور صلب المسیح وتموز الذی یمزقه الخنزیر البری لا تغیب عن مخیلة السیاب لأنها تشكل جزء تضحیة ومعاناته من أجل الآخرین فالنسر الذی  یرفع غانیمید لیحط قرب الآلهة ، یرفع السیاب عالیا ویسقطه جریحا (47) ومن ذلك السیاب یطور الأسطورة حین یمزج خصائص (تموز) فی الأسطورة البابلیة وبین خصائص (أدونیس) یقابل تموز عند سكان آسیا الصغرى (48) ویقول السیاب :
تموز هذا آتیس
هذا وهذا الربیع
یاخبزنا یاآتیس
أنبت لنا حبا واحیی الیبیس
التأم الحفل وجاء الجمیع (49)
لقد أفاد السیاب من طقوس الاحتفال بموت أدونیس لدى الإغریق وتموز فی بابل الذی یصحبه "عویل النساء اللاتی كن یخشن الإصابة بالعقم حیث الجدب یشمل كل مظاهر الحیاة ویذكر عویل النساء بسبب اختفاء أدونیس بعویل البابلیین بسبب اختفاء الهم تموز (50) وقد استثمر السیاب هذه الطقوس لیحملها مضامین جدیدة ورموزا ذات شأن "وجعلها تؤدی أغراضا متعددة وبثها فی معظم قصائده التموزیة فرأى فیها رموزا لولادة الثورة وإعادة الحیاة الكریمة للمعذبین الذین یقارعون الظلم والطغیان فحلفت قصائده بدلالات ثوریة حیناً وبدلالات الانحدار فی حین آخر " (51) یقول فی قصیدته "أغنیة فی شهر آب"
تموز یموت على الأفق
وتغور دماه على الشفق
فی الكهف المظلم والظلماء (52)
والاسم الأسطوری القرین لـ"أدونیس "وهو "فینوس"الذی یتكرر لدى كل من نازك والسیاب كما أشرنا سابقا وتمثیل نازك إلى الاسم الأغریقی "فینوس "ففی قصیدتها میلاد البنفسج "تشیر نازك ولأول مرة إلى فینوس مبهورة بفكرة میلادها من زبد البحر وتخدمها هذه الفكرة التعبیر عن كیفیة خلق القصیدة فی ذهنها هنا تربط نازك بین ربه والجمال والشعر للعلاقة الوطیدة بین الاثنین وأعنی الحب والجمال والسحر والالهام:
وتولد عندی القصیدة
كمولد فینوس من زبد البحر طافیة مثل وردة
جدائلها أشطر عائمات
وأهدابها من حروف ومن كلمات (53)
ولا یعدم الباحث أن یرى التوظیف هنا قد یشكل بعدا محدودا لا یتجاوز المشبه به بمعنى أن نازك لم تحاول استثمار الأسطورة أو الاسم بطریقة فنیة لتجعل من الرمز قضیة ذات تأثیر عمیق فی القصیدة فمن الممكن أن نغیر اسم فینوس بأی اسم آخر یدل على المعنى نفسه دون ان تتأثر القصیدة أما السبب فیمیل إلى استخدام اسم ( عشتار) بدلاً من (فینوس) فی مجمل قصائده على الرغم من استخدامه اسم ( افرودیت) فی بعض شعره .
وتحت انبهار السیاب بأسطورة موز وعشتار وحاول توظیفها فی قصائد لا علاقة لها فجاءت مختلفة ناشزة كما حدث فی قصیدته "إلى جمیلة بوحیرد"حیث ینتقل من الحدیث عن جملیة وبطولات الجزائر إلى الحدیث عن عشتار آلهة الجنس والخصب وعن الفداء وعن المسیح یقول السیاب :
مشبوحة الأطراف فوق الصلیب
یأتیك كل الناس كل ألأنام
یرجعون مما تبذلین الطعام
والأمن والنعماء والعافیة
بالأمس وارى قومك الآلهة
عشتار أم الخصب والحب والإحسان تلك الربة والوالهة
لم تعط ما أعطیت لم تروا بالأمطار ما رویت : قلب الفقیر (54)
وفی قصیدة رؤیا فی عام 1956 تتحول "حفصة العمری "تلك المرأة الشهیدة إلى عشتار آلهة الخصب ةتتحول دلالة الفناء حین صار مرادفا للإله (موت) وبالفعل بین الرمزین المتكاملین ینحو تموز فی قلب دلالته أیضا إلى الفناء (55) وهذا لعمری تمثیل رائع یجعل للأسطورة وتوظیف فنی یجعل الأسطورة معنى آخر منحرفا عن المعنى الشائع یقول السیاب :
عشنار على ساق الشجرة
صلبوا دقوا مسمارا
فی بیت المیلاد – الرحم
عشتار بحفصة مستترة
تدعى لتسویق الأمطار / تموز تجسد مسمارا
من حفصة یخرج والشجرة (56)
لكن عشتار تصبح رمزا مكشوفا لحفصة التی یعد صلبها فداء وتضحیة یوجب إقامة طقوس استنزال المطر غیر ان المفارقة تدخل قسریا حیث یتجسد "تموز"اله مسمارا یخرج من حفصة والشجرة (57) لكن السیاب ما لبث أن حور طقوس الأسطورة القدیمة وجعلها تدبوا ذات مضامین جدیدة اضافة الى انه لفق أكثر من شعیرة طقوسیة فی القصیدة الواحدة فبدلا من أن تكون أغانی الطقوس مبهجة سعیدة فقد جعلها مخیفة تقوم على الدم والقتل "58"وخلاصة القول أن السیاب كان أكثر توظیفا من نازك فی مجا لاستخدام رمزی تموز وعشتار وأدونیس وفینوس ولقد تناول الباحثون قصائد السیاب التموزیة بالتحلیل والتفصیل ولا نرید ان نقف كثیرا عند هذین الرمزین اللذین تكررا فی شعره كثیرا .
ولنازك رموز أخرى مشتركة مع السیاب منها السیرین التی وردت فی الأساطیر على أنها نوع من حوریات البحر النصف الاعلى منها نصف امرأة مكتملة الأنثویة بارعة الجمال أما النصف الثانی فنصف سمكة "59"وهی تغوی البحارة بصورتها العذب فیلقون بأنفسهم فی الماء ویموتون غرقا وهی لدى نازك رمز للخداع والاغواء ولعذوبة الصوت والجمال الجسدی تقول فی قصیدتها "نداء الى السعادة"
فی خفایا مغمورة عنكبوت الشر الفى فیها سریرا مریحا
وركاب السیرین آوت الیها والثعابین أثقلتها فحیحا (60)
ویبدوا أن نازك هنا تل
 


Viewing all articles
Browse latest Browse all 578

Trending Articles



<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>